“ياالله، إذا كان هذا كابوسا ساعدني على النهوض بسرعة”

بعد كل المشاعر والأفكار التي داهمتني مثل إعصار وأبحرت بي في تاريخ الجزائر. بعد الدموع وطول التفكير حول الشعب الجزائري ومصيره الخاص، أين فقد “اللونين الأبيض والأسود” حدودهما في رواية ياسمينة خضرا «فضل الليل على النهار» صادفت  كتاب آخر للمؤلف “المعجزة”،  “الاعتداء”.
تاريخ فلسطين ومن دون أن تقرأ كتابا، يعتبر أمرا دراميا ومثيرا، تقولون أنتم.. قد تكونون على حق، ولكن هناك أمر آخر هو أننا “نفضنا” أيدينا من كل هذا.

نحن نعرف بعض الشيء عن معاناة هذا الشعب، والبعض منا يدعوا له في صلاته، لكن في معظم الأحيان نحن لا نتذكر الفلسطينيين. ماذا يمكننا أن نفعل؟.. بكيت.. للأسف، هذا  كل ما أمكن  فعله – بكيت في الساعة منتصف الليل. فجأة في حياتي وقبل النوم “هاجمتني عائلة فلسطينية بأكملها ، كبارا وصغارا وشباب في مقتبل العمر”. السعادة وخيبات الأمل.. كل هذا أصبح لا يهم، الزوجة الحبيبة في لحظة تبين أنها مجاهدة. البيت الذي تربت فيه أجيال يُهدم في لحضة من قبل الجنود الصهاينة. بطل الرواية يٌلقى على هامش حياته الخاصة.
كل الذكريات تنهار كأحجار الدومينو. ماذا بمقدور الانسان أن يفعل عندما تسرق منه السعادة الدنيوية ؟.
لدى كل فلسطيني حربه المقدسة الخاصة به. “أمين”(بطل الرواية) لم يكن يرى في الموت شفاءً، رأى في نفسه ضرورة للأحياء، هو نفسه يريد أن يعيش، استطاع إغلاق عينيه لفترة طويلة على مآسي قومه من الفلسطينين. ولكن في لحظة غير منتظرة يسأله مصيره سؤالا لا يمكن أن يدير ظهره إليه.

“ياالله، إذا كان هذا كابوسا ساعدني على النهوض بسرعة”. “ربما كانت هذه صحوته، في لحظة يصادف أمام عينيه الكراهية، المعاناة التي يواجهها قومه  وعدم القدرة على الوجود ككائن في هذه الحياة، والرغبة في العيش بشرا سويا”.
“ماذا يمثل البيت إذا كنا فقدنا بلادا بأكملها”_ قالت فاتن قبل أن تعبر إلى مثواها الأخير. في هذه اللحظة، مثلها مثل المئات من الفلسطينيين الآخرين، لم تعد قادرة على العيش، لم تعد قادرة على  تنفس  الظلم والكراهية والألم. كل هذا  كان يجب أن ينتهي، ولو بتفجير في وسط اليهود، ولا علاقة للرب في هذا.
في هذه الرواية، الكاتب يفصل بوضوح مسألة الدين والفلسطينيين، هؤلاء الناس الذي  يقومون بأشياء مجنونة من أجل وطنهم، وكانت حياتهم ولازالت تحمل ذاك الجنون.
لا يهم ما إذا كنت مؤمنا أم لا، تصلي أم لا – مظهر حياتهم فلسطين ممزوجة بمرارة عميقة في القلب، مع الحجارة في أيديهم يواجهون الدبابات التي تمزق الأجساد البشرية إلى قطع، ولكن الفلسطينيين لا يستسلمون.
ياسمينة خضرا، هو المؤلف الذي يجعلك تهرب من أكل ساندويتش، وسطرا سطرا تتوقف على أن تكون مستهلكا، ولو في الساعة منتصف الليل.. ولو لحظة، وأنت تبكي وتبكي جنبا إلى جنب مع هؤلاء الناس، لأنه لا يمكنك أن تفعل أي شيء، لأنك هنا والآن تقف صامتا على حدث سيكون غدا من التاريخ. وهاتفك الجديد، وسريرك الدافء يصبح فارغا كالغباء. الراحة الوهمية والعواطف تتوقف عن التجبر والتكبر. نحن شهود على أحداث مأساوية.. نحن الصامتون المارون على مآسي الأخرين.
شكرا على هذه اللحظات الحقيقية والاعتراف بنفسك ككائن يتعاطف مع مآسي الأخرين.
شكرا على إحياء كل صفاء في روح الانسان بعيدا عن الغرائز.
أتأسف لأن للكاتب كتابين فقط مترجمين إلى اللغة الروسية.

اقتباس
“الطفل يجري عبر السهب المكسو بالأعشاب ، يقفز جدارا ينهار كأنه من ورق وتنفتح في الأفق حقول تمتد رأي العين. إجري.. والطفل يجري ضاحكا فاتحا ذراعيه كجناحين. بيت الإمام ينهض من بين الأنقاض، الأحجار تنفض عنها الغبار وتعود إلى مكانها برقصة سحرية والسقف يغطي البيت الذي بني مع مطلع الشمس.. يبدو أكثر جمالا من ذي قبل. ورفع الفنان صوته، أُحلم وتذكر أنك جميل، سعيد وأبدي. راميا الحزن عن وجهه توجه الطفل جاريا عبر الحقول ملوحا بيديه والابتسامة على محياه وفي حضن صوت الأبوة ينتقل إلى السماء.  يمكنهم أن يسرق ثروتك ، أفضل سنوات عمرك، كلما تحصلت عليه من جوائز، كل شيء بأكمله، ولكن الأحلام ستبقى معك إلى الأبد لتنشأ معك مجددا وطنك الذي سٌرق”.

Комментарии

Популярные сообщения из этого блога

пару слов о женщинах в Алжире

Днепродзержинск

скучая по Родине